Ticker

6/recent/ticker-posts

Header Ads Widget

عبادة الجسد " اقرأ " 74

جهزت لوازمي وأوراقي الشخصية..وودعت أولادي وزوجتي وذهبت.. 

أمضيت شهر بالمصحة التي مللت بها كثيرا وكرهت فيها من الدواء والعلاج والنوم على السرير..كرهت وسئمت كل شيء هناك.. 

لم أكن بمفردي في ذلك المكان...كان معي العديد من الإخوان.. 

جمعونا لكي لا تنتشر العدوى والمرض في أوساط المجتمع وعائلاتنا.. 

...بهذا الشهر في يومه الثامن عشر كان يوم وفاة والدتي التي رن عليها جرس البيت بهذا اليوم, وكان صاحب البيت الجديد...المشتري..الرجل الذي بعت له منزلنا الذي تربينا وكبرنا فيه واحتضننا سنين لا تنسى ولن تغيب عن الذاكرة.. 

دق..كان يأمرها بأن تفرغ له المنزل وتغادر ليتنقل إليه..وبعد أن حكا لها عن الموضوع وعن فعلتي...ارتفع الضغط عندها...ضغط الدم..فماتت مباشرة..فحتى جنازة أمي لم يكن لي نصيب أن أكون من المشرفين على الجنازة وبيدي هاتين ادفنها وأقرأ لها الفاتحة.. 

كانوا بالمصحة مرات يسمحوا لنا بالاتصال بأهالينا وأقاربنا للاطمئنان علينا والاطمئنان عليهم..هذا حق من حقوقنا هناك..وحتى الزيارة متاحة.. 

الكل كان أهلهم وعائلاتهم يدرون بمرضهم إلا أنا كنت اخفي مرضي.. 

من الهاتف الذي بالمصحة كنا نتصل..باليوم الثامن عشر اتصلت على البيت وليس هناك من مجيب..وعلى هاتف رقية كذلك اتصلت ولم ترد.. 

لم أكن أعلم..أحسست أن هناك شيء سيئ حدث..غاب عني أن والدتي ماتت وقتها..وبالفرصة الثانية المتاحة للاتصال..باليوم الخمسة والعشرون اتصلت..حينها..من ذلك الاتصال وصلني خبر وفاة أمي الذي كنت أنا السبب فيه , ولم يكن هذا وفقط..رقية كانت متعصبة مني جدا لأن من البيت تم طردهم وهم الآن في الخيمة التي صنعوها الجيران لهم مؤقتا إلى أن تجد بيتا للإيجار.. 

أمام هاذين الخبرين سئمت البقاء في المصحة, وقضاء خمسة أيام الباقية كانت سوى للتخطيط للهروب..وباليوم الثلاثين كان يوم هروبي من المصحة ويا ليتني لم أهرب وبقيت إلى أن خرجت الروح مني والى السماء عادت ..وبجهنم أقيم وتقيم 

هربت لأقوم بواجبي اتجاه أسرتي..الواجب المتأخر والذي فات أوانه..وغاب تأثيره.. 

توجهت بعد هروبي إلى البيت القديم الذي وجدت أن هناك أناس جدد بقلبه..سألتهم...وسألت كل أحد يصادف طريقي عنهم.. 

...وأنا خارج من العمارة إذ بشروق ورائي تناديني ..الخوف كان ظاهرا عليها .. 

لها قلت: 

ليس لي قدرة للكلام معك.. 

قالت: 

انتظر...أنت ملزم أن تسمعني...فالذي أنا فيه بسببك أنت.. 

قلت: 

ما الأمر ؟.. 

قالت: 

فرحات أنا حامل منك.. 

أنا لم تحضرني الدهشة ولا الصدمة ولا غيرهم.. 

...بكل برودة قلت: 

اذهبي وامزحي بمكان..انصرفي واخدعي غيري.. 

...وضعت شروق يدها على بطنها وقالت: 

أنظر إلى بطني فالحمل بدأ يظهر عليه.. 

..ماذا أفعل ؟...خلصني من هذه المصيبة رجاءا فرحات.. 

عليها رديت فقلت: 

ألم تكوني تتناولين حبوب منع الحمل...وأصلا الذي ببطنك ليس مني , فاذهبي إلى والد جنينك الحقيقي..هذا إن كان له أب معروف.وأنا الذي أنا فيه يكفيني فلست مستعد أن أسمع منك سخافات وتفاهات أخرى.. 

تكلمت شروق كثيرا وطلبت مني المساعدة وتحمل المسؤولية, لكن أنا لم أرد عليها...فإقتناعي بأنني لم أكن أنا الأول ولا أنا الوحيد بحياتها جعلني لا أصدق كلامها وأقسو عليها 

بقيت..ظل فرحات يتذكر أخر كلام قالته شروق له قبل  رحيلها المحدد من طرفها بأن " ذنبها برقبتي العمر كله".. 

...وأخيرا وجدت البيت الذي استأجرته أسرتي..هو قريبا جد من بيتنا السابق.. 

لم يعودوا إليك يا سطيف لكذا سبب..بالرغم .مع معرفتهم أنني خسرت عملي ومع هذا ظلوا هنا لأن رقية ملتزمة بعملها هنا ودراسة الأولاد ولم يبقى لهم في سطيف عندك يا ولايتي لا أحد وحتى الجدران.. 

....لم ترد أسرتي لا أدم ولا علي ولا رقية استقبالي ولا النظر بوجهي حتى..وحتى أنا لم أجد ما أقوله لهم.مهما قالوا مهما فعلوا فالحق لهم..الحق معهم... 

لا أحد منهم تكلم..نطق بكلمة واحدة إلا أن الابن المدلل حبيب فرحات علي...ابن العشر سنوات أخبرني أن الآن فقط قبل قدومي بدقائق قليلة, كانوا عندنا رجلان وامرأة على هيئة أطباء أخذوا من الكل عينة دم السبب لأن هناك مرض منتشر هذه الأيام ومن أجل القضاء عليه وحمايتنا والحد منه والوقاية هم يقومون بأخذ الدم منا.. 

كلام علي هذا ذكرني بإصرار المستشفى في أول اكتشافهم واكتشافي بالمرض بأن أنقلهم إلى بيتي ليتم الفحص على أفراد أسرتي والتأكد من أنني أنا المصاب من بينهم وفقط, لكن أنا وقتها احتججت بأنهم مسافرين.. 

سكتت رقية كثيرا وبعدها قالت...بالسؤال بدأت  

...لماذا رجعت ؟...هل تركت شيء هنا لترجع من أجله؟.. 

...أنا غيرت الموضوع...وبالسؤال كان ردي.. 

بطنك كبر..أي شهر أنتي الأن ؟... 

قالت: 

بأوائل الشهر السابع ..بقي على الولادة شهرين بالضبط.. 

قلت: 

ولد أليس كذلك ؟... 

قالت: 

أنت ماذا تتوقع أو توقعت ؟... 

لها قلت : 

 ولد. 

قالت: 

من قبل قلت لي أنك تطلب من الله أن يرزقك بنت ..أنت تحب البنات أدري بذلك لا تخفي .. 

قلت: 

كنت ...الآن لا.. 

قالت وهي تضحك: 

للأسف ببطني بنت...بأحشائي جنين جنسه أنثى.. 


إرسال تعليق

0 تعليقات