Ticker

6/recent/ticker-posts

Header Ads Widget

إقفال المواني النفطية الليبية بين المشروعية والتجريم

إقفال المواني النفطية الليبية بين المشروعية والتجريم.

فاطمة بشير محمد


بادئ ذي بدء بعد سقوط القذافي تناحرت على سلطة البلاد حكومتين ، إحداهما ترأس شرق البلاد والأخرى ترأس غربه ، على خلفية هذا التعدد يدور صراع بين الحكومتين للسيطرة على النفط ، لا ننسى الميلشيات المسلحة الموالية للحكومتين ، فلكل حكومة مجموعات مسلحة تنفذ أعمالها الغير مشروعة بالمقابل تدعمها بالمال والنفوذ والسلطة ، كل ذلك من عائدات النفط الليبي .


وراء هذه الحقيقة المرة نجد البلاد تعاني من وطأة هذا النزاع على جميع المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا يغيب عنا كون المؤسسة الوطنية للنفط هي المسئول الوحيد والشرعي للإدارة قطاع النفط الليبي ، تقع أدارة هذه المؤسسة في طرابلس العاصمة التابعة لحكومة الوفاق ، الممثل الشرعي للدولة الليبية وفقا لاعتراف الأمم المتحدة ، وبناء على أتفاق الصخيرات الموقع في المغرب نهاية عام 2015، وبدعوى عدم العدالة في توزيع العائدات النفطية ، وشبهة قيام حكومة الوفاق باستعمال أموال النفط في دعم المليشيات المسلحة ودعم الإرهاب، قامت مجموعة من الموالين للواء خليفة حفتر القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية التابعة لشرق البلاد، عشية انعقاد مؤتمر برلين الدولي( ) بإغلاق المواني النفطية شرق البلاد (موانئ البريقة ورأس لانوف والحريقة والزويتينة والسدرة( والتي تمثل اكبر حصة من الإنتاج النفطي الليبي ،و على تبعية هذا الإغلاق تم إغلاق خطوط نقل النفط في الحقول المتواجدة بالمنطقة الجنوبية، ووقف الإنتاج بحقلي أبو الطفل والفيل اللذان تشرف على تشغيلهما شركة مليته للنفط والغاز التابعة للمؤسسة، والتي تُعتبر أكبر شركة منتجة للنفط المكافئ بليبيا . وقد تسبب ذلك في خسارة في إجمالي الإنتاج مع خسارة كبيرة في الإيرادات.


وعقب إغلاق المواني النفطية شرق البلاد أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة "القوة القاهرة" لكي تخلى المؤسسة الوطنية للنفط مسؤوليتها أمام الأطراف المتعاقدة معها، خاصة مع استحالة تنفيذها لالتزاماتها التعاقدية مع الزبائن.


القوة القاهرة في عقود البيع الدولية:


- اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع ، نيسان 1980 ، فينا .( )


- اتفاقية فينا لعام 1980:


تنص الفقرة الأولى من المادة 79 من اتفاقية فينا لعام 1980 بشأن عقود البيع الدولي للبضائع بما يلي :


" لا يسأل أحد الطرفين عن عدم تنفيذ أي من التزاماته إذا ثبت إن عدم التنفيذ كان بسبب عائق يعود إلى ظروف خارجة عن إرادته و إنه لم يكن من المتوقع بصورة معقولة أن يأخذ العائق في الاعتبار وقت انعقاد العقد أو أن يكون بإمكانه تجنبه أو تجنب عواقبه أو التغلب عليه أو على عواقبه ."


- تطبيق شرط القوة القاهرة


1- الالتزام بأعلام الطرف الآخر عن حالة القوة القاهرة :


لقد أعطاها المشرع الدولي هذه الأهمية في نص المادة 79 من اتفاقية فينا لعام 1980 ، حيث تنص الفقرة الرابعة من هذه المادة على ما يلي :


" يجب على الطرف الذي لم ينفذ التزاماته أن يوجه إخطارا إلى الطرف الآخر بالعائق و أثره في قدرته على التنفيذ . وإذا لم يصل الإخطار إلى الطرف الآخر خلال مدة معقولة بعد أن يكون الطرف الذي لم ينفذ التزاماته قد علم بالعائق أو كان من واجبه أن يعلم به فعندئذ يكون مسئولا عن التعويض عن الأضرار الناتجة عن عدم استلام الإخطار المذكور " .


ويبدو من محتوى هذا النص بأن على الطرف الذي لا يتمكن تنفيذ التزاماته ليس فقط إخطار الطرف الآخر بالعائق وإنما عليه أن يعلم به . وقد اعتبر المشرع الدولي هذا الافتراض التزاما مضافا يقتضيه مبدأ حسن النية في التعامل


2 - الالتزام بإثبات حالة القوة القاهرة


إذا كان إعلام الطرف الآخر عن وجود حالة القوة القاهرة في وقتها المناسب يزيل كل اعتراض محتمل حول صحة الموانع التي تعرض لها تنفيذ العقد ، فإنه من المفضل أن ترافق هذا الإخطار تقديم بعض دلائل الإثبات .ولا يهم أن تقدم مثل هذه الإثباتات للطرف الآخر في فترة لاحقة لإعلامه بوجود حالة القوة القاهرة .


وبالعودة للقواعد العامة للقانون المدني التي تقضي بتسليم المبيع و دفع الثمن حال انعقاد العقد واشتراط أن يكون المبيع محل العقد معينا و محددا في هذا الوقت، وعلى اعتبار كون عقود النفط من العقود الدولية التي تتصف دائما بطول الفترة التي تفصل بين وقت إبرامه وبين تاريخ التنفيذ ، وكما يتعرض طرفي العقد على السواء، البائع أو المشتري، لحالات القوة القاهرة وينتج عن ذلك استحالة تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد بشكل مؤقت أو بصورة نهائية في العقود المحلية ، فإن احتمال نشوء القوة القاهرة يتضاعف وقوعه في العقد الدولي، ولعل إقفال مواني التصدير الليبية تعد قوة قاهرة تعفي المؤسسة الوطنية من تنفيذ التزاماتها لاستحالتها.
هنا يبرز لنا السؤال التالي : ما مدى مشروعية أقفال المواني النفطية الليبية ؟


للإجابة على هذا التساؤل حول مشروعية إقفال المواني النفطية أو اعتبارها عملا إجرامي ، يمكننا القول وبالرجوع للمفهوم جريمة تخريب المنشآت النفطية والتي تعني وفقا لماجاء في قانون رقم2 لسنة 1979 بشأن الجرائم الاقتصادية : كل فعل يترتب عليه إلحاق الضرر بالمنشئات النفطية بتعطيلها وخروجها عن العمل سواء بشكل كلي أو جزئي ، ولعل أقفال المواني النفطية في شرق البلاد أكبر ضرر ممكن أن يلحق بالمنشآت النفطية والقطاع النفطي ككل وبالتالي تدهور الأوضاع الاقتصادية كون النفط هو عصب الاقتصاد الليبي .


وتأسيسا على ذلك نرى : إقفال المواني النفطية ما هو إلا جريمة من الجرائم الاقتصادية المعاقب عليها قانونا



إرسال تعليق

0 تعليقات