Ticker

6/recent/ticker-posts

Header Ads Widget

ابن الأوهام

ابن الأوهام

بقلم : نورة طاع الله


رغم كل الحقائق المحيطة بنا والواضحة أمامنا والمتغلبة المسيطرة على واقعنا ومعيشتنا الا أننا بعض الأحيان نهرب باحثين عما يعطينا قطرة أمل بها نحيي تلك الأحلام ونقف مجددا كما أردنا وواجب علينا ..فالواقع في بعض زواياه وجوانبه مؤلم مع أننا قد لا نكون سببا في ايصاله الى تلك الصورة التي لم نرسمها ولم نلتقطها لتعلق على حائط الغرفة ليلا صباحا مساءا نراها ومجبرين على رؤيتها والتعايش معها بكل تفاصيلها فهذا قد جلبته الظروف المفاجئة أو الظروف الصعبة التي لم تكن للأيادي الشخصية يدا فيها.


مهما هربنا من واقعنا ومن تلك الحقائق للأسف هي تلاحقنا ولا تود التوقف عن اللحاق بنا والجري وراء الخطوات التي بالفعل خفت سرعتها وقوتها فطول شريط الجري نحو الذي لا نعرف حتى أين اقامته ومسكنه قد مزق أحذية وشقق أرجل قد سعت وبحثت وسافرت نحو الأفضل الذي اما رفضها اما موعد اللقاء بينهما لم يحن بعد .


كثرة الهموم والمشاكل ونطق الأه بكل الطرق وعن طريق جميع أشكال الألم والتوجع جعل من القلب والنفس رافضة لكل ما تعيشه وتمر به لأنه لم يعد هناك قوة وقدرة على التحمل والصبر أكثر فبدون شعور تهرب تلك النفس بصاحبها الى الوهم الذي قد يجد فيه بعض الراحة والمصبرات والمسكنات بجرعات قليلة كانت أو كثيرة حسب مدى دخول الانسان المتعب بعمق الوهم الذي طالما ابتعد عنه هذا الشخص ذاته .


قد يعتقد الكثير أن الوهم الذي هو ايهام النفس والقلب بوجود الذي لا وجود له وبعيش عكس ما هو معاش جملة وتفصيلا الا أن كثيرة المصائب وصعوبات الحياة والعيش تحول من تلك النفس المؤمنة الواعية المدركة العاقلة الى نفس غافلة موهومة الوهم الذي لن يكون ولن يكون ذلك العلاج الصحيح المناسب رغم ما قد يعطي للموهوم حياة قد حلم بها وتمناها وبحث عنها طويلا الا أنها حياة بعيد بعالم ليس بالعالم الحالي فهو عيش سوى ضمن قاعة هي أحلام لست له ولن تكون ولن تسمح ظروفه والواقع بأن تكون وتتواجد فهي بعيد عن الحقائق والحقيقة التي مهما بعدنا عنها نحن عائدون اليها مستسلمون راضيون شئنا أم أبينا.


لا لوم على القلب الموهوم والعقل الموهوم والشخص الواقع في وهم كبير كان أو صغير ..فهو لم يرحل الى هذا العالم الا لما قد تعرض اليه ونفسيته قد رفضت المعاش ..فهو مريض والوهم مرض قد وجد فيه المريض عالمه الخاص الجميل الذي لن يقبل الانسحاب منه بكل سهولة وعند الطلب الأول منه ..فالأمر يحتاج الى وقت والى العديد من الطرق والوسائل العلاجية المساعدة على اخراج مريض الوهم من وهمه الذي قد يستمر في اللحاق به ومطاردته بكل مكان الا أن مع الاستمرار في سحبه نحو سطح العالم الحقيقي والواقع الفعلي مع غلق جميع الأبواب المؤدية الى الوهم لن يتمكن الموهوم من السيطرة على قوة الواقع وضعف الوهم الذي قوته ضعف لن تصل قوة الواقع بشيء.


من منا لم يلمس ملامح الوهم فاعجب بالرطابة ولطف الملامح ..أوهمونا أشخاص وعقولنا قلوبنا كثيرا ما أوهمونا والأحلام أكبر موهم لأن الأحلام كثيرا ما تتحول الى أوهام من كثرة التمسك بها والعيش معها طوال الوقت مع نسيان الجزء الكبير من الواقع والمعاش والحقائق التي لا تتوقف عن صفعنا وارجاعنا الى ما نحن عليه حقيقة وهذا ما يضعف أوهامنا ..فنستيقظ من غيبوبة ان بدأت ليلا انتهت صباحا.


العقل ..متى لجأت للعقل بين الحين والأخر لن تقف في بركة وبحر الوهم الذي لن تتقن العوم فيه وان كنت مدرب السباحة ..العقل منقضك من مخاطر الوهم وانتهاكاته الخطيرة التي لن تجعل منك شخصا عاديا كما يجب وكما وجدت منذ البداية .


كثيرا ما نكون في جلسة وعند ضيافة الوهم دون شعور منا الا أننا بسرعة نغادر ونكون ضيوف سريعون المغادرة والانسحاب بكل هدوء وحكمة .


لا تدع أحلامك تتحول الى أوهام ولا أمنياتك لأنه متى تحول الحلم الى وهم يصعب وقد يستحيل تحقيقه ولن يبقى ذلك الحلم الذي يزودك القوة والارادة والاصرار فالأمر مختلف جدا لدى الوهم ولا وجود لمثل ذلك الايجابيات والمقويات الذي يمتلكها الحلم .

-نورة طاع الله

إرسال تعليق

0 تعليقات